إن
الناس يتفاوتون في إحكام ما يحفظون، فمنهم من يثبتُ معه المحفوظُ مع قلة
التَّكرار، ومنهم من لا يحفظ إلا بعد التَّكرار الكثير.
والتَّكرار
نوعان:
أ-
تكرارٌ بمعنى إمرار المحفوظ على القلب سرَّاَ، وذلك بأن يمرَّر الأخ ما حفظه في
نهاره – مثلاً – على ذاكراته قبل النوم بدون تلفُّظٍ، فإنه يُثَبَّتُ – من خلال
هذا الإمرار – صور المحفوظ ومواضع الآيات، والهيكل العامَّ لما حفظه، كما أشرتُ
إليه من قبل قليل.
قال
سفيان الثوريّ: اجعلوا الحديثَ حَدِيثَ أنفسكم، وفكرَ قلوبكم تحفظوه.
ويمكن
أن يقال: اجعلوا القرآن حديث أنفسكم، وفكر قلوبكم تثبَّتوه.
وقال
العزُّ بنُ عبد السلام: ما نمتُ ليلةً إلآَّ وأمرَرْتُ أبواب الفقه على قلبي قبل
النَّوم.
ب-
وتكرار برفع الصوت وقراءة المحفوظ كاملاً:
وينبغي
على من يريد حفظاً قوياً ثابتاً أن يُكثرَ من التَّكرار بالصوت المسموع مراراً
عديدة، وأن لا يكتفيَ بمرَّةٍ أو مرَّتين مهما كان ذكياً.
قال
ابن الجوزيّ: قال لنا الحسن بن أبي بكر النيسابوريّ: لا يحصلُ الحفظُ لي حتى يُعاد
خمسين مرَّة.
وكان
أبو إسحاق الشيرازيّ يُعيد الدرسَ مائة مرَّة.
فكثرة
التَّكرار والإعادة صحيح أنها متعبة في أول الطريق ولكن نتائجها رائعةٌ جدَّاً في
المستقبل.
والمحفوظ
الذي لا يُكرَّر – وخاصة في المرحلة الأولى – يُسرعُ إليه النَّسيان ويتفلَّت؛
لأنه لم يُقيَّد بالتَّكرار.
واسمع
لهذه الحادثة التي رواها الإمام ابن الجوزيّ حيث قال:وحكى لنا الحسن أن فقيهاً
أعاد الدرس في بيته مراراً كثيرة، فقالت له عجوزٌ في بيته: قد والله حفظته أنا...!
فقال: أعيديه، فأعادته، فلما كان بعد أيام قال يا عجوز، أعيدي ذلك الدرس، فقالت:
ما أحفظه، قال أنا أكرَُّ عدَّ الحفظ لئلا يصيبني ما أصابك.
وإننا
لنلاحظ أن كثيراً من العوامّ يحفظون سورة يس وسورة السجدة وأواخر البقرة وغيرها
وما ذلك إلا لكثرة ما تكررتْ على مسامعهم، وسمعوها في المناسبات.
* أهم المصادر والمراجع:
- علم التجويد: د. يحيى الغوثاني.
- كيف تقرأ القرآن: د. يحيى غوثاني.
طباعة
ارسال