قبل
أن تبدأ بحفظ أي سورة عليك أن تُصحَّحَ قراءتك لها، والتصحيحُ يشملُ تصحيحَ
الحركات والمخارجِ والصفاتِ، وذلك لا يكون بالجهد الفرديّ، فلا بُدَّ من الاستعانة
بالشيخ المتقنِ؛ لأن القرآن لا يُؤخذُ إلا بالتلقَّي عن المشايخ الذين تلقَّوا عن
مشايخهم بالسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يتيسر الشيخ فالتسجيلاتُ
الجيَّدةُ للمقرئين المُجيدين ربما تَسُدُّ بعض النقص، ولكن حذار من الاعتماد
الكلّيّ عليها.
ولقد
ثبت بالتجربة أن الذي يبدأ بالحفظ وحده بدون تصحيح للقراءة يقع في أخطاء كثيرة في
الحركات، بل وفي نُطق بعض الكلمات، ويصعبُ عليه جداً أن يتركها فيما لو نُبَّهَ
عليها فيما بعدُ.
وثبتَ
بالتجربة أيضاً أن المدرَّسَ الذي يُصحَّحُ لطلابه القراءة قبل حفظهم يكون أكثر
نجاحاً من غيره، وأن الطالب الذي يُصحَّحُ له المقطعُ فيقرؤه له الشيخُ، يحفظه
بسرعة تفوقُ غيره بنسبة نصف الوقت تقريباً وخاصةً في الطلاب الصغار.
وقد
رأيت في مدارس تحفيظ القرآن الكريم في تركيا أنهم يمكثون سنة كاملة يُصحَّحُون
القراءة للطالب بدءاً من ألف باء إلى تصحيح المخارج وإتقان القراءة بالنَّظر، حتى
يختم القرآن كلَّه ولا يسمحون له في السنة الأولى أن يحفظ شيئاً، ثم يبدؤون معه
بالحفظ في السنة الثانية فيختم القرآن غيباً في سنة واحدة، وقد رأيت فيهم
حُفَّاظاً متقنين مُجيدين.
تنبه:
ومن
الأخطاء الطامّة التي رأيتها في بعض جولاتي التفتيشية على حلقات القرآن الكريم في
الدول التي لا تتحدَّثُ العربية، أنهم – من باب التسهيل – قد طبعوا مصحفاً بالحرف
اللاتيني، فترى الطالب يقرأ قراءة محرفة بحسب النص المكتوب أمامه، فعلى سبيل
المثال تجد كلمة﴿عَمَّ﴾ مكتوبةً هكذا [ AAMMA]
وكلمة﴿أَعْطَيْنَاكَ﴾ هكذا [ AATAINAKA] وفي هذا تحريف لكلام الله تعالى لا يخفى.
الطريقة
المثلى
في حفظ
القرآن لغير الناطقين بالعربية
وإن
أفضل طريقة لغير الناطقين بالعربية، أن يكون ذلك على ثلاثة مراحل:
أ-
أن يُعلَّموا الحروف على طريقة التهجّي قبل قراءة القرآن، بدءاً من ألف باء، ويمكن
الاعتماد في هذه المرحلة على كتاب: «القاعدة البغدادية»، ويلقَّنوا ذلك تلقيناً
حتى يتمكنوا من نطق الحروف، ومعرفتها بشكل جيد.
ب- ثم يُنقل بهم في المرحلة الثانية من معرفة
الحروف الجزئية إلى معرفة الكلمات والجمل الكليّة، ثم إلى تصحيح قراءة القرآن
نظراً في المصحف لضبط الحروف والحركات، بدءاً من قصار السور.
ج-
ثم في المرحلة الثالثة يمكن أن يبدؤوا بعملية الحفظ، وعندئذٍ فلهم أن يسيروا على
أيّ طريقة من الطرق التي سأتحدث عنها في الفصل التالي.
* أهم المصادر والمراجع:
- علم التجويد: د. يحيى الغوثاني.
- كيف تقرأ القرآن: د. يحيى غوثاني.
طباعة
ارسال