للقرآن
الكريم خصائص عديدةٌ، فمن خصائصه الصوتيّة التي تميَّز بها عن كلام العرب ثلاثة
أشياء:
أولاً:
زيادة مقدار الغنة في النون والميم المشدَّدتين والإدغام والإخفاء.
ثانياً:
زيادة مقدار المدّ في أماكنه المعروفة.
ثالثاً:
النغمة الفطرية التي تجري على لسان القارئ منّا أنَّى كان مستواه العلميّ.
ولذلك
فإن قراءة القرآن بنغمةٍ محببة لديك منضبطةٍ بأحكام التجويد تُسهَّلُ عليك
عمليَّةَ الحفظ، وبالتالي تسهَّلُ عمليَّةَ استعادة المحفوظ مرةً أخرى غيباً، فإنك
إذا تعودتَّ على إيقاع معين فعندما تُنقص كلمةً من الآية سَهواً فإنّ لسانك لا
يُطاوعك، وإذا طاوَعَكَ اللّسانُ فإنَّ الأذنَ التي تعوَّدتْ على النغمة - في
الغالب- لا تتقبل الخطأ.
وقد
قال النبيُّ r :
«ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن».
وقال
أيضاً: «حسِّنوا القرآن بأصواتكم...».
وينبغي
عليك أن تقرأ على سَجيَّتكَ، وألا تتكلَّفَ تقليد نغماتِ القرَّاء، وأن يكون ذلك
بصوتٍ مسموع؛ لأن الجهرَ بالقراءة يُساعد في الحفظ:
قال
الزبير بن بكّار: دخل عليَّ أبي وأنا أرَوَّي في دفتر ولا أجهر، أرَوَّي فيما بيني
وبين نفسي، فقال لي: إنما لك من روايتك هذه ما أدَّى بصرُك إلى قلبك، فإذا أردتَ
الروايةَ، فانظر إليها واجهرْ بها؛ فإنه يكون لك ما أدَّى بصرُك إلى قلبك، وما
أدَّى سمعُك إلى قلبك.
وقال
أبو هلالٍ العسكريُّ: وينبغي للدارس أن يرفعَ صوتَه في دَرْسِه حتى يُسْمِعَ
نفسَه؛ فإن ما سمعتْهُ الأُذُنُ رسخ في القلب، ولهذا كان الإنسان أوعى لما يسمعه
منه لما يقرؤه، وإذا كان المدروس مما يفسحُ طريق الفصاحة، ورفع الدارسُ به صوته
زادتْ فصاحته.
فالنغمة
المنضبطةُ المجوَّدةُ المرتَّلةُ من خصائص هذا القرآن، ولذلك نلاحظُ الطفلَ
الصغيرَ عندما يقرأ بعض الآيات فيخطئ فيها لا ينقِذُه من خطئه إلا إذا أعاد الآية
مرة أخرى بالنغمة التي حفظ بها.
وكثيراً
ما رأينا مشايخنا يقرؤون الآية أو تُقرأ عليهم فإذا اختلَّ منها حرفٌ واحدٌ أحسّوا
به وقالوا للقارئ: لم تقرأ الآية صحيحةً، فيردَّدُونها- بلسانهم وبالنغمة التي
حفظوها بها- ثانيةً حتى تستقيمَ.
وهذه
الناحية هي طرفٌ من إعجاز القرآن جديرة بالبحث.
طباعة
ارسال