إخلاصُ النيةِ، والصَّدقُ في التَّوَجُّهِ إلى الله تعالى، والقصْدُ
الحسَنُ، والحِفْظُ لأجل الله وابتغاء مرضاته، ذلك هو سِرُّ التوفيق في مسيرتك
العلمية، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ
أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾ [الزمر: 11].
فمن حفظ القرآن ليقال عنه: حافظ، أو ليتفاخر به رياءً وسمعةً، فلا أجر له
ولا ثواب، بل هو آثم.
فقد قال النبيُّ r: «أوَّلُ الناس يُقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: وذكر منهم: ورجلٌ
تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، فقال: فما عملت
فيها...؟ قال تَعَلَّمْتُ فيك العلمَ وعلَّمتُه، وقرأتُ القرآن، قال: كذبْتَ، ولكن
ليقال: هو قارئٌ، فقد قيل، ثم أُمرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى أُلقى في النّارِ».
قال عليّ بن المدينيّ: لَمَّا ودَّعتُ سفيان قال: أما إنك ستبتلى بهذا
الأمر، وإن الناس سيحتاجون إليك فاتَّقِ الله، ولتحسن نيَّتُك فيه.
وقال النبي r: «إنما
الأعمال بالنيات».
وإن الطالب عندما يحفظ القرآن ابتغاء مرضاة الله تعالى يشعر بسعادة كبرى
تَسْري في أعماقه- وهو يحفظ- لا تَعْدِلُها سعادة في الدنيا، وهي سعادة تُذَلَّل
أمامه كلَّ الصعاب.
وإن دور الأستاذ المربّي في لَفْتِ نظر الطالب إلى إخلاص النية، والصدق في
التوجُّه إلى الله دورٌ عظيمٌ لا يخفى.
ولْيحذرْ حافظ القرآن من الرياء في حفظه، فإن الرياء مرضٌ خطيرٌ، وداءٌ
وبيلٌ، لأنه يُسخَّر الطاقاتِ ويُوجَّهها كلَّها لغير الله تعالى.
وقد ورد عن سيدنا عليّ رضي الله عنه أنه قال: «للمُرائي ثلاثُ علاماتٍ:
يَكسلُ إذا كان وحده.. وينشطُ
إذا كان في الناس.. ويزيدُ في العمل إذا أثني عليه».
وينبغي على المربي ألا يزيد في عبارات المدح والإطراء لحفاظ القرآن؛ حتى
لا يُوقعهم في الغرور، وأن يكون مدحُه لهم على سبيل التشجيع، والتَّحْفيز، وأن
يكون بقَدَر.
- كيف تحفظ القرآن الكريم: د. يحيى غوثاني.
طباعة
ارسال