• شروط المفسر وآدابه  
  • التّداوي بالدّعاء  
  • القنوت في النوازل سُنة نبوية  
  • احتساب الأنبياء عليهم السلام  
دار الإسلام الصفحة الرئيسية
دار الإسلام  دار الاسلام
دار الإسلام تأملات إسلامية
دار الإسلام آداب اسلامية
دار الإسلام الرقية الشرعية
دار الإسلام مقالات اسلامية
دار الإسلام دراسات اسلامية
دار الإسلام في رحاب الشريعة
دار الإسلام عيون الحكمة
دار الإسلام الطب والاسلام
دار الإسلام أشراط الساعة
دار الإسلام  القرآن الكريم
دار الإسلام علوم القرآن
دار الإسلام أدعية قرآنية
دار الإسلام فضائل القرآن
دار الإسلام قصص القرآن
دار الإسلام أحكام التجويد
دار الإسلام أمثال قرآنية
دار الإسلام مصطلحات قرآنية
دار الإسلام التفسير الميسر
دار الإسلام قواعد حفظ القرآن
دار الإسلام أخلاق قرآنية
دار الإسلام طرق حفظ القرآن الكريم
دار الإسلام العلماء القراء
دار الإسلام أسماء في القرآن الكريم
دار الإسلام مباحث عقدية
دار الإسلام  الحديث الشريف
دار الإسلام أدعية نبوية
دار الإسلام قصص نبوية
دار الإسلام أمثال نبوية
دار الإسلام علوم الحديث الشريف
دار الإسلام تدوين السنة
دار الإسلام كتاب وعالم
دار الإسلام مصطلحات حديثية
دار الإسلام وصايا نبوية
دار الإسلام الأربعون النووية
دار الإسلام الأحاديث القدسية
دار الإسلام جوامع كلم النبي
دار الإسلام نبوءات الرسول عليه الصلاة والسلام
دار الإسلام المصطفى كأنك تراه
دار الإسلام تراجم علماء الحديث
دار الإسلام واحة الحديث الشريف
دار الإسلام  الإقتصاد الاسلامي
دار الإسلام مقدمات هامة
دار الإسلام دراسات اقتصادية
دار الإسلام مقالات علمية متنوعة
دار الإسلام مقالات اقتصادية متنوعة
دار الإسلام دليل الشركات
دار الإسلام من نحن
دار الإسلام الإعلان في الموقع
دار الإسلام الاتصال بنا
3/10/2013
الوقف والاقتصاد
Tweet
دار الإسلام
للنظام الاقتصادي الإسلامي أدوات مالية كثيرة بعضها إلزامي وبعضها تطوعي , وتتكامل هذه الأدوات الإلزامية والتطوعية فيما بينها في تناغم تام , لتقوم بدورها في حل جميع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في الدولة الحديثة .
فإذا كانت الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام , والعبادة الرابعة من العبادات كالصلاة والصيام والحج , وهي أهم أداة مالية إلزامية من أدوات النظام الاقتصادي الإسلامي ، وليست مجرد إحسان فردي حسب رغبة الإنسان , والدولة مسئولة عن جمعها وإنفاقها في مصارفها , وتتجلى هذه المسئولية في الأمر الموجه من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم باعتباره قائد الدولة الإسلامية الأولى في قوله تعالى : {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } التوبة 103 .
فإن الوقف يعتبر أهم صدقة مالية تطوعية لها صفة الثبات والاستمرار , وهو أداة من أدوات النظام المالي في الاقتصاد الإسلامي تعمل على تأكيد الهوية الإسلامية , وتحقيق المقاصد الشرعية المتمثلة في حفظ الدين , وحفظ النفس , وحفظ النسل , وحفظ المال , وحفظ العقل , والوقف له آثار تنموية شاملة على أفراد المجتمع , دينياً , واجتماعياً , وثقافياً , واقتصادياً .
فالوقف دليل على صدق عقيدة المسلم وإيمانه باستخلاف الحق سبحانه وتعالى له على مابين يديه من ثروة عقارية ومنقولة , والإيمان بالآثار التنموية للوقف يدفع المسلم للتنازل عن شطر من أمواله في سبيل تنمية أوجه البر والخير التي يرغب فيها , وهو في سبيل ذلك يتحمل مسئولية تحديد أحكام الوقف وأركانه بصورة مفصلة تضمن استمراره في أداء رسالته في المجتمع بعد انقضاء حياة الواقف , وحتى يرث الله الأرض ومن عليها .
    
مفهوم الوقف ومشروعيته:
الوقف هو حبس العين فلا يتصرف فيها بالبيع , أو الرهن , أو الهبة , ولا تنتقل بالميراث , والمنفعة أو الغلة التي تتحقق عنها تصرف لجهات الوقف على مقتضى شروط الواقفين .
الوقف عند الجمهور غير الحنفية سنة مندوب إليها وهو جائز ومشروع بالنصوص العامة للقرآن الكريم الداعية إلى الإنفاق والتطوع كما جاء في قوله تعالى : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وما تُنْفِقُوا مِنْ شَيء فَإنَّ اللهَ بِهِ عَليم ٌ} آل عمران 92 . وبالسنة النبوية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم , والصدقة الجارية في الحديث محمولة على الوقف عند العلماء لأن غيره من الصدقات ليست جارية . وبالإجماع لصدور الوقف من الصحابة جميعاً رضوان الله عليهم من غير نكير .

أنواع الوقف:

يقسم العلماء الوقف بالنظر إلى الغرض منه , أو المنتفعين به , أو بحسب الجهة التي وقف عليها ابتداء إلى نوعين :
•وقف خيري : يقصد به الواقف التصدق على وجوه البر , سواء أكان على أشخاص معينين كالفقراء والمساكين والعجزة , أم على جهة من جهات البر العامة كالمساجد والمستشفيات والمدارس وحفر الأبار وصيانتها مما ينعكس نفعه على المجتمع .
•وقف أهلي أو ذري : وهو ماجعل استحقاق الريع فيه إلى الواقف أولاً ثم إلى أولاده وذريته , ثم من بعدهم على جهة بر خيرية لا تنقطع يتم تعيينها لتستحق غلة الوقف بعد انقطاع الشخص أو الأشخاص المسمين .

تاريخ الوقف:
للوقف تاريخ طويل ومشرف بداية من عصر النبوة , حيث كان أول وقف هو وقف النبي صلى الله عليه وسلم لمسجد قباء عند قدومه مهاجراً إلى المدينة المنورة , ثم أوقف بعد ذلك سبع حوائط " بساتين " بالمدينة والمعروفة ببساتين مخيريق .
كما أوقف كثير من الصحابة رضوان الله عليهم مثل : وقف عمر بن الخطاب لأرضه التي بخيبر ، ووقف عثمان بن عفان الشهير لبئر رومة ، ووقف أبو طلحة لبستانه " بيرحاء " .
في العصر الأموي ومع اتساع الفتوحات الإسلامية زادت الأوقاف , وتم إنشاء إدارة خاصة للإشراف عليها غير تابعة للسلطة التنفيذية , وتخضع لإشراف السلطة القضائية مباشرة .
في العصر العباسي ازداد التوسع في الأوقاف ومع هذا ظل ديوان الوقف مؤسسة أهلية مستقلة عن الدواوين السلطانية , وكان أهم ما يميز الأوقاف في هذه الفترة التوسع في مصارف ريع الوقف لتشمل الأوقاف الحضارية كالمستشفيات والمكتبات ودور الترجمة والمدارس , ليس هذا فحسب بل تعدت ذلك لتغطي مختلف جوانب الحياة لدرجة وجود أوقاف يصرف من ريعها على رعاية البهائم وإصلاح الأواني وإقامة الحدائق والنوافير ونحو ذلك من الأمور الفريدة .
وفي عصر المماليك ازداد التوسع في الأوقاف بشكل ملحوظ وأنشئت ثلاثة دواوين للإدارة والإشراف على الأوقاف هي : ديوان لأحباس " أوقاف " المساجد , وديوان لأحباس الحرمين الشريفين وجهات البر المختلفة , وديوان للأوقاف الأهلية .
في العصر العثماني تم الاعتناء بالأوقاف بدرجة كبيرة وبخاصة عند نساء بني عثمان , وتوسعت مصارف ريع الوقف لتشمل كليات الطب والخدمات الطبية لمستشفيات قائمة , وذلك مواكبة للتطور والتقدم العلمي في العصور الحديثة .
أما في العصر الحاضر فقد انتهى الحال إلى إلغاء كل من الوقف الأهلي والوقف الخيري في العديد من الدول الإسلامية , ولم يبق من الأوقاف الخيرية إلا وقف المساجد الذي تختص به وزارات الأوقاف الرسمية , والأخطر من ذلك هو صدور قوانين أباحت الاستيلاء على أموال الأوقاف بالكامل وإدماجها في أملاك الدولة , وعدم الصرف منها على ما خصصت له يستوي في ذلك الأوقاف الأهلية والأوقاف الخيرية , فأغلقت بذلك مؤسسة اقتصادية واجتماعية ساهمت في تنمية المجتمع في عصور الحضارة الإسلامية .

رد الشبهات عن الوقف:
أن التفكير في إنهاء الأوقاف وخاصة الأهلية منها ليس وليد عصرنا , حيث كثر الجدل حوله وأقيمت المناظرات بشأنه على مدار سنوات التاريخ , وقد كان مدخل أبي حنيفة مدخلاً فقهياً , حيث رأى أن نظام الملكية الذي ينتجه الوقف لا يندرج في نظم الملكية المعروفة شرعاً , إلا أن موقف أبي حنيفة لم يثبت في التطبيق العملي لمخالفته ما كان عليه الصحابة الكرام - بعد أوقاف الرسول صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب رضي الله عنه - ومن تابعهم من التابعين , حيث وقفوا ما لا يحصى من الأموال وكان كثير من هذه الأحباس على الذرية وذوي القربى , فكان إجماعاً على جواز الوقف بنوعيه , حتى قال القرطبي : إن راد الوقف مخالف للإجماع فلا يلتفت إليه .
الأقلام المناهضة للوقف لا ترى إلا أن بعض الواقفين اتخذوا من جواز إيقاف الأموال العقارية والمنقولة على الأهل والذرية , ذريعة لمحاربة الميراث فحرموا البنات والزوجات أو بعضهم وجعلوه قسمة ضيزى , فانحرفوا بالوقف عن مقصد القربى فيه , وجعلوه أداة ليتحكموا في بعض التركة أو كلها بعد موتهم , وقد ظهر ذلك في آخر عصر الصحابة , وقد استنكرت هذا الفعل أم المؤمنين عائشة , وهم عمر بن عبدالعزيز أن يرد صدقات الناس التي أخرجوا منها النساء , ولكن سبق إليه الموت فماتت معه فكرته .
أقلام أخرى أنبرت للهجوم على الوقف لأن بعض المستفيدين من الأوقاف بدخول منتظمة أصبحوا يركنون إلى حياة الترف والبطالة , وتفضيل حياة الكسل وامتلأت بهم المقاهي والحانات ودور اللهو , بدلاً من العمل والمساهمة في تنمية بلادهم واستثمار مواردها .
من التجاوزات التي بدلت محاسن الأوقاف فساد نظار ومديري الأوقاف , وقد أضاع ذلك العقارات والأراضي الموقوفة باستيلاء حائزيها عليها , فضلاً عن إهمال صيانتها وقلة غلتها .
للرد على شبهات المناهضين للوقف يجب التفرقة بين نقاء فكرة الوقف السامية , التي تهدف إلى تنمية قطاع اجتماعي ينهض بمجموعة من الأنشطة تدخل في إطار البر والإحسان والرحمة والتعاون وأعمال الخدمة الاجتماعية العامة , وذلك بإخراج جزء من الثروة الإنتاجية في المجتمع بعيداً عن دوافع الربحية والمنفعة الشخصية للقطاع الخاص , وبعيداً عن سطوة الدولة بممارسة قوة القانون على الأفراد , وبين التجاوزات التي تقع عند تطبيق الوقف من جانب الواقفين والمستفيدين والنظار .
فإذا كان الأمر كذلك والأخطاء والتجاوزات في سلوكيات الأفراد عند التطبيق وليس في الفكرة والأهداف , فإن التفكير السليم والمنصف يتطلب علاج الأخطاء وتصحيح التجاوزات , ليعود الوقف للقيام بدوره الإنساني والاجتماعي والاقتصادي الذي حقق أعظم النتائج في المجتمع على مر العصور , ومهما تكن المبررات فإنها لا تعطي لأحد الحق في إبطال الأوقاف الأهلية أو الخيرية , لأنها مجرد أهواء وأغراض تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية .
ويعتبر أبرز رد على الشبهات الموجهة للوقف هو اقتباس الغرب له وتزايد عدد المؤسسات الوقفية الغربية ونمو أصولها المالية , ومن أشهر هذه المؤسسات مؤسسة " بيل وميليندا غيتس " الخيرية التي تأسست عام 2000 بتمويل قدره 126 مليون دولار , وقدرت أملاكها في عام 2007 بـ 37,6 مليار دولار , وتهدف إلى تعزيز الرعاية الصحية , والحد من الفقر , وتوسيع فرص التعليم والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات على مستوى العالم .

دور الوقف في تحقيق التنمية الاجتماعية:
التنمية الاجتماعية في المفهوم الإسلامي تعتمد بالدرجة الأولى على العنصر البشري لأنه ركيزة العملية التنموية وهدفها , وتحقيق التنمية البشرية يكون بتحقيق مقاصد الشريعة الخمس عند مستوى الكفاية اللائق بالإنسان الذي كرمه الله على العالمين , وقد أثبت الوقف على مر العصور , وبصرف النظر عن المستوى الاجتماعي والمعيشى للأفراد ، وطبيعة الحكم السائد في كل عصر قدرته على تحقيق مقاصد الشريعة " الضرورية " للإنسان المتمثلة في :
حفظ الدين :  بتشييد المساجد , وإقامة شعائر الصلاة , وتعليم العلم الشرعي لبناء الشخصية المسلمة الوسطية بعيدا عن الخرافات والدجل والشعوذة .
حفظ النفس :  بصيانة حياة الإنسان من الهلاك بوقف جزء كبير من ريع أوقافهم لتوفير ضروريات حفظ النفس , من طعام وشراب وكساء وأماكن أيواء وعلاج للمحتاجين والمشردين , في صورة تكايا وملاجئ ومستشفيات خيرية بلا مقابل .
حفظ النسل :  تجلت مساهمات الأوقاف في تحقيق غرض حفظ النسل , في مساعدة الفقراء وغير القادرين من الذكور والإناث على الزواج .
حفظ العقل :  وذلك عن طريق التثقيف والتهذيب بالعلم والمعرفة وتحرير العقل من الجهل ، وذلك بإنشاء المدارس والجامعات والمكتبات بالمجان للفقراء .
حفظ المال :  فكثير من الواقفين يخصص جزء من ريع الوقف لتنميته بشراء أعيان جديدة تضم إلى أصل الوقف , وكذلك تخصيص مبالغ لصيانة وإصلاح وترميم الوقف .
لم يتوقف دور الوقف عند تحقيق الحاجات الضرورية للإنسان , بل تخطاها ليغطي " الحاجيات " ليرفع المشقة والعناء والحرج عن الإنسان , فكثيراً من الأوقاف خصص ريعها للإنفاق على تمهيد الطرقات , وشق الترع , وبناء السدود , وإنشاء وتأثيث النزل لاستراحة المسافرين , والمضايف لاستقبال الغرباء .
وتجاوز الوقف تحقيق مختلف الضروريات والحاجبات الإنسانية , ليصل إلى " التحسينيات " الكماليات التي تجمل الحياة وتزينها , مثل الأوقاف التي خصص ريعها لإنشاء نوافير المياه في الأماكن العامة , وغرس الأشجار والأزهار , والعناية بالآثار والفنون الجميلة , وأمتد نفعها ليشمل إطعام الطيور والكلاب وبعض الحيوانات , ليقدم صورة مشرقة تعبر عن حس مرهف لمشاعر أسلافنا , الذين فهموا الإسلام فهماً صحيحاً , فقدموه للعالم عملياً في أزهى صورة .

دور الوقف في تحقيق التنمية الاقتصادية:
الوقف عملية تجمع بين الادخار والاستثمار معاً , فهي اقتطاع أموال عن الاستهلاك الآني وتحويلها إلى الاستثمار في أصول رأسمالية إنتاجية في المجتمع , الهدف منها إنتاج المنافع والخيرات والإيرادات التي تستهلك في المستقبل , سواء أكان هذا الاستهلاك بصورة جماعية كمنافع مبنى المسجد والمدرسة والمستشفى , أم بصورة فردية نحو ما يوزع على الفقراء والمساكين أو على الذرية .
فإنشاء وقف هو أشبه ما يكون بإنشاء مؤسسة اقتصادية ذات وجود دائم , فالوقف عملية استثمار للمستقبل , وهو بناء للثروة الإنتاجية من أجل الأجيال القادمة , وللوقف دور حيوي وهام في تحقيق التنمية الاقتصادية وذلك عن طريق :
1- تمويل التنمية :  يقوم الوقف بدور مؤثر في تمويل التنمية بالإسهام في محاربة الاكتناز , الذي هو تخلف أحد عناصر الثروة والإنتاج عن المشاركة في النشاط الاقتصادي وبقائه في صورة عاطلة , ووجود الوقف كصدقة تطوعية بجانب الزكاة كصدقة إلزامية يسهم في تحرير رؤوس الأموال العينية والنقدية جبراً أو طوعاً من سيطرة حب أصحابها الفطري لها , ويجعلهم يدفعون بها للمشاركة في تنمية المجتمع طلباً للبركة والنماء والثواب من الله في الآخرة .
2- تنمية القطاعات الاقتصادية :  يضطلع الوقف بدور فعال في دعم مختلف القطاعات الزراعية , والصناعية , والتجارية , والخدمية , والدفع بها قدماً لتحقيق التنمية الشاملة .
•مجال القطاع الزراعي : بخاصة البلدان الزراعية يتم وقف الأطيان المزروعة لينفق عائدها في مختلف أوجه البر , مع رصد جزء من الغلة لتعمير الوقف والحفاظ عليه وإضافة مساحات جديدة إليه , وذلك من شأنه تنمية ذلك القطاع الحيوي الهام .
•مجال القطاع الصناعي : ساهم الوقف في تنمية الصناعات المختلفة , من خلال الأوقاف التي خصص ريعها للإنفاق على بعض الصناعات الأساسية , بتوفير ما تحتاج إليه من خامات وتدريب العمال على أنواع المهارات الفنية والحرف اليدوية .
•مجال القطاع التجاري : اهتم الوقف بتوفير الأسواق الداخلية والخارجية لكونها المكان المناسب لتصريف المنتجات والتعرف على حاجات المشترين وإمكانات المنتجين , فأقام الدكاكين للتجار من كل صنف , وأقام أحواض المياه المخصصة لدوابهم التي ينقلون عليها بضائعهم ، وأقام أسبلة المياه المخصصة للإنسان على الطرق التجارية كخدمة مجانية ، فكان لذلك أثر كبير في رواج النشاط الصناعي على هذه الطرق .
•مجال قطاع الخدمات : نشأت العديد من الأوقاف التي كانت مهمتها إنشاء البنية الأساسية , من طرق , وقناطر , وجسور ، وخانات لإيواء المسافرين من فقرائهم أو تجارهم في حلهم وترحالهم بين منطقة وأخرى من العالم الإسلامي .
3- من خلال آثار الوقف التوزيعية :
دور الوقف في العناية التنموية لا يتوقف عند الآثار التمويلية والاقتصادية فحسب , وإنما تمتد لتحقق آثاراً توزيعية عميقة في المجتمع , حيث يوفر حد الكفاية لأكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع بما يحقق درجة أعلى من التكافل الاجتماعي ، فيحمي النفوس من الانحراف ويحمي من الاضطرابات وهما أهم عنصران لإعاقة التقدم الاقتصادي والإنماء .

دور الوقف في تراكم التنمية:
نظراً لأن الوقف ثروة استثمارية إنتاجية على سبيل التأبيد , يمنع بيعه واستهلاك قيمته ، ويمنع تعطيله عن الاستغلال , ويحرم الانتقاص منه والتعدي عليه , ويجب المحافظة عليه بصيانته والإضافة إليه من موارده , من هذا المنطلق فالوقف ليس مجرد استثمار من أجل الأجيال القادمة , وإنما هو استثمار تراكمي يتزايد يوماً بعد يوم بإضافة أوقاف جديدة إلى ما هو قائم دون أن ينتقص من الأوقاف القديمة شيء .

الحاجة إلى عودة الوقف:
إن تطور الحياة العصرية وكثرة متطلباتها , وتجدد مشاكلها وتنوعها , يلقي بعبئ ثقيل على الحكومات والسلطات الرسمية , هذا العبئ لا يمكن الحكومات من القيام بوظائفها التقليدية إلا بالكاد وفي ضوء الإمكانات المتاحة , فتوفر الحاجات الأكثر إلحاحاً , بينما يكاد ينعدم تحقيق المقاصد الشرعية والغايات الإسلامية , سواء أكان ذلك عن سوء تخطيط , أو سوء نية , فيفقد المجتمع هويته وثقافته وأخلاقه , وأهم ما يفتقد تراحم أفراد الجيل الواحد , وتواصل الأجيال فيما بينها , فيركز أبناء كل جيل على تحقيق مصالحهم ورغباتهم الآنية في صورة استخدام مفرط وإهدار للموارد , دون الاهتمام بأبناء جيلهم المعاصر أو بالأجيال القادمة .

خطوات عودة الوقف:
إن الإيمان بضرورة عودة الوقف يتطلب عدة خطوات على النحو التالي :
•استرداد الأوقاف المغصوبة : إن أول خطوة يجب اتخاذها هي وقف الاعتداء على الأوقاف , باسترداد الأوقاف المستولى عليها سواء أكان ذلك من الدولة أو من الأفراد , وإدارتها بعيداً عن سيطرة الإدارة الحكومية , ووفقاً لشروط الواقفين المعتبرة شرعاً .
•تصحيح التجاوزات : وهي تجاوزات من الواقفين والمستفيدين والنظار والحكومات , والتي نتج عنها تشويه صورته والانحراف به عن أهدافه , وذلك بالعودة إلى الأسس الصحيحة التي وضعها نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار للوقف ، لنعيده إلى سابق عصره المزدهر بعيداً عن انحرافات التطبيق التي ألصقت بالوقف ما ليس منه .
•مراجعة واقع الأوقاف : لضمان عودة الوقف إلى سابق مكانته , يجب مراجعة واقع الأوقاف على ما استقر من أحكام الوقف ، ودراسة المجالات التي على الوقف خدمتها في عصرنا الحديث , لأن هناك هوة شاسعة بين انحصارها حالياً في المجالات الدينية , وبين ما كانت عليه من اتساع المجالات المختلفة بقدر اتساع حاجات الناس والمجتمع .
•تنشيط استثمار أموال الوقف : نظراً لأن أكثر أموال الأوقاف في صورة عقارات غير قابلة للتحويل إلى نقد خلال فترة قصيرة وبتكلفة معقولة , تنعدم القدرة على مزاولة استثمارها وتنميتها , لذا فإن المهمة الأساسية التي تفرض نفسها في مجال عودة الأوقاف إلى أداء دورها المتميز في المجتمع , هي تمويل الأوقاف لترميم وإصلاح وصيانة العقارات الموقوفة , لجعلها في صورة قابلة للاستخدام والانتفاع منها .
عند ذلك يكون على إدارات الأوقاف حسن استثمار تلك العقارات , وفق أفضل أساليب الاستثمار المعاصرة , التي تقع في دائرة الحلال للحصول على أفضل العوائد منها .
•النشاط العلمي والعملي لعودة الوقف : ويكون الجانب العلمي بعقد الندوات لتدارس شئون الأوقاف وما يعترضها من مشاكل تنفيذية وإدارية ومالية , وتبادل المعلومات وتقديم الأبحاث ونشرها بما يحقق تنمية الوعي بأهمية الوقف .
أما من الناحية العملية فيجب ترجمة الأبحاث العلمية إلى قوانين لتنظيم الأوقاف الجديدة من الناحية المالية والإدارية , مع الاهتمام بتطوير وتنمية الأوقاف الموجودة .
هذا العرض المبسط يوضح أن الأعمال التي شملها الوقف بخدماته تعجز المؤسسات الاجتماعية الحديثة أن تغطيها , بل يمكن القول أن مجالات عمل الوقف لا تستطيع الدول رغم ضخامة إمكانياتها , أن توفر التمويل اللازم للقيام بها . ويبين أيضاً الحاجة الملحة لعودة الوقف ليضطلع بدوره الاجتماعي والاقتصادي ، ليحقق المصالح الخاصة والعامة في المجتمع .

* بقلم: عبد الفتاح محمد صلاح ، نقلاً عن موقع الاقتصاد العادل.

دار الإسلام طباعة دار الإسلام ارسال
Tweet
أحدث الإضافات
دار الإسلامدار الإسلامدار الإسلام
1 . لطائف حول (نزل) و(أنزل) في القرآن
التفاصيل | مصطلحات قرآنية | دار الإسلام
2 . إثبات صفة العين في القرآن الكريم
التفاصيل | مباحث عقدية | دار الإسلام
3 . الآيات القرآنية في رؤية الله في الآخرة
التفاصيل | مباحث عقدية | دار الإسلام
4 . التشكيك في الإيمان من أعمال الشيطان
التفاصيل | مباحث عقدية | دار الإسلام
5 . الشفاعة في آيات القرآن الكريم بين النفي والإثبات
التفاصيل | مباحث عقدية | دار الإسلام
6 . لا نثبت لله إلا ما أثبته لنفسه
التفاصيل | مباحث عقدية | دار الإسلام
7 . نقصان الإيمان بالمعاصي
التفاصيل | مباحث عقدية | دار الإسلام
8 . لفظ (حفظ) في القرآن الكريم
التفاصيل | مصطلحات قرآنية | دار الإسلام
1 . الكوثر والحوض من الخصائص النبوية
التفاصيل | المصطفى كأنك تراه | دار الإسلام
2 . عموم البعثة النبوية للإنس والجن
التفاصيل | المصطفى كأنك تراه | دار الإسلام
3 . وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه
التفاصيل | المصطفى كأنك تراه | دار الإسلام
4 . أثر أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في نجاح دعوته
التفاصيل | المصطفى كأنك تراه | دار الإسلام
5 . انظروا إلى من هو أسفل منكم
التفاصيل | جوامع كلم النبي | دار الإسلام
6 . كل شيء بقدر حتى العَجْز والكَيْس
التفاصيل | جوامع كلم النبي | دار الإسلام
7 . يا وزَّانُ زِن وأرجح
التفاصيل | جوامع كلم النبي | دار الإسلام
8 . الوفاء النبوي مع أم المؤمنين خديجة
التفاصيل | المصطفى كأنك تراه | دار الإسلام
1 . (لم يسرفوا.. ولم يقتروا) قاعدة ذهبية للإنفاق
التفاصيل | مقالات اقتصادية متنوعة | دار الإسلام
2 . جماليات الدين في المحافظة على المال
التفاصيل | مقالات اقتصادية متنوعة | دار الإسلام
3 . خصائص الاقتصاد الإسلامي
التفاصيل | مقالات علمية متنوعة | دار الإسلام
4 . الإسلام حل أمثل للمعضلات الاقتصادية في العالم الإسلامي
التفاصيل | مقالات علمية متنوعة | دار الإسلام
5 . التنمية الاقتصادية في الإسلام
التفاصيل | مقالات علمية متنوعة | دار الإسلام
6 . نعم للزكاة لا للضريبة في حل المشاكل الاقتصادية
التفاصيل | دراسات اقتصادية | دار الإسلام
7 . الوقف والاقتصاد
التفاصيل | دراسات اقتصادية | دار الإسلام
8 . الأزمات الاقتصادية وثورة الجياع
التفاصيل | دراسات اقتصادية | دار الإسلام
دار الإسلام
 
 
سجل في دليل صنعه مسلم
 
لماذا أسجل؟ | الدليل
 
دار الإسلام
دار الإسلام دار الإسلام
تراجم شيوخ القراء
دار الإسلام
اقرأ المزيد عن تراجم شيوخ القراء
كيف تحفظ القرآن الكريم
دار الإسلام
تعلم كيف تحفظ القرآن الكريم
الإعجاز العلمي
دار الإسلام
اقرأ المزيد عن الإعجاز العلمي
شبهات وردود
دار الإسلام
اقرأ المزيد عن شبهات وردود