ترجمة موجزة للمؤلف:
اسمه ونسبه ونسبته وكنيته:
هو الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني - بضم الجيم الأولى وزاي وجيم - ، نزيل دمشق. "التقريب" (رقم 273)
أشهر شيوخه:
عاش الإمام الجوزجاني في زمن ازدهار علم الحديث وانتشار الرواية وكثرة الرواة، فتتلمذ على كبار الأئمة؛ كأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومسدد بن مسرهد، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور الكوسج، وسعيد بن منصور، ويزيد بن هارون، وزيد بن الحُباب العكلي، وأبي نُعيم الفضل بن دُكين، وغيرهم كثير.
أشهر تلامذته:
حدث عنه: أبو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأبو عبدالرحمن النسائي، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن دُحيم الدمشقي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وأبو بشر محمد بن أحمد الدولابي، وآخرون.
مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
احتلَّ الإمام الجوزجاني مكانةً علميةً مرموقة، وحظي بثناء كثيرٍ من الأئمة عليه؛
قال أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال: إبراهيم بن يعقوب جليل جدًّا، كان أحمد بن حنبل يكاتبه ويكرمه إكرامًا شديدًا، وقد حدثنا عنه الشيوخ المتقدمون وعنده عن أبي عبدالله جزءان مسائل. وقال النسائي: ثقة. وقال الدارقطني: أقام بمكة مدة، وبالبصرة مدة، وبالرملة مدة، وكان من الحفاظ المصنفين والمخرجين الثقات. "تهذيب الكمال" (2/248)
وقال السجزي: وسألته - يعني الحاكم - عن الجوزجاني، فقال: ثقة مأمون، إلا أنه طويل اللسان، وكان يستخف بمسلم بن الحجاج فغمزه مسلم بلا حجة. "إكمال تهذيب الكمال" (1/324- 326)، وقال الحافظ ابن كثير: خطيب دمشق وإمامها وعالمها وله المصنفات المشهورة المفيدة، منها "المترجم" فيه علوم غزيرة وفوائده كثيرة. "البداية والنهاية" (11/38)
تنبيه: رغم كثرة ثناء الأئمة على الجوزجاني إلا أنه رُميَ بالنصب، فقد قال الحافظ ابن حجر: ثقة حافظ رُمِيَ بالنصب. "التقريب" (رقم 273)، وليس هذا محلُّ تحرير القول في هذه المسألة، إلا أني أقول: لو صحَّ ذلك لما أثنى عليه الإمام أحمد وأكرمه، ولما روى عنه النسائي ووثقه، وقد تولى محقق الكتاب (د. عبدالعليم عبدالعظيم البستوي) الدفاع عنه، وأزال الشُّبَه التي أثيرت حوله، فجزاه الله خيرًا.
أشهر مؤلفاته:
من أشهر مؤلفاته: 1- مسائل الإمام أحمد. 2- أمارات النبوة. 3- أحوال الرجال. 4- التاريخ. 5- كتاب "المترجم" كما تقدَّم في كلام ابن كثير.
وفاته:
قال أبو سعيد بن يونس : قدم مصر سنة خمس وأربعين ومئتين.. وكانت وفاته بدمشق سنة ست وخمسين ومئتين. وقال أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي: مات يوم الجمعة مستهل ذي القعدة سنة تسع وخمسين ومائتين. "تهذيب الكمال" (2/248)، و"تذكرة الحفاظ" (2/100)
2- دراسة عن كتاب "أحوال الرجال":
اسم الكتاب:
اسم الكتاب: "أحوال الرجال"، وهذا الاسم موجودٌ على ظهر النسخة الخطية للكتاب، وقد يُطلق بعض العلماء عليه اسم "معرفة الرجال"، وبعضهم يُسمِّيه: "الجرح والتعديل"، أو "الضعفاء"، وهذين الاسمين باعتبار مضمون الكتاب، فإنَّ أغلب ما فيه من مادة علمية وأقوال إنما هو في جرح الرواة المجروحين والكذَّابين أو المبتدعة.
توثيق نسبة الكتاب للمؤلف:
ثبوت نسبة هذا الكتاب للإمام الجوزجاني أمرٌ ظاهرٌ لا ريب فيه، ومما يزيده وضوحًا وتأكيدًا ما يلي:
1- الاستفاضة والشهرة التي هي من أقوى الأدلة على ثبوت نسبة أي كتاب إلى مؤلفه؛ فقد اشتهر هذا الكتاب بنسبته إلى الجوزجاني بين المتخصصين في القديم والحديث.
2- أنَّ كتب الجرح والتعديل طافحةٌ بالنقل عن الجوزجاني، وإن كان كثير منها لا يُصرِّح بأنه ينقل من كتابه هذا، وإنما يكتفي بذكر قول الجوزجاني، وربما نسبوه له باسم "الجرح والتعديل"، أ, "الضعفاء"، وكلها مسمَّيات لمسمى واحد، فقد قال الحافظ ابن حجر: .. نصَّ على هذا القيد في هذه المسألة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ النسائي فقال في مقدمة "كتابه في الجرح والتعديل": ومنهم زائغٌ عن الحق صدوق اللهجة.. ثم ذكر ما هو موجود في مقدمة "أحوال الرجال"، كما سيأتي. "لسان الميزان" (1/204)
3- نسبه له العلماء الذين ترجموا له، كالذهبي في "تذكرة الحفاظ" (2/100)
4- نسبه له أصحاب كتب الفهارس والأثبات؛ كالكتاني في "الرسالة المستطرفة" (ص 147)، والزركلي في "الأعلام" (1/81)
موضوع الكتاب:
اشتهر هذا الكتاب - بالإضافة إلى اسمه "الشجرة في أحوال الرجال" - باسم "الضعفاء"، وذلك لأن الجوزجاني ألفه لبيان حال من لا ينبغي الرواية عنه؛ إما لضعفه أو بدعته أو اعدم صدقته وأمانته في الرواية، ولم يذكر في هذا الكتاب الثقات الذين يُحتجُّ بحديثهم، ومن ذكره منهم في هذا الكتاب، فإنما لبيان بدعتهم، والله أعلم.
ولذلك فقد كثرت في هذا الكتاب كلمات الجرح وقلت كلمات التعديل، حتى وُصِف المؤلف بالشدة، وذلك لشدة عباراته على أهل البدع، وعلى المنحرفين وغير الثقاة.
وقد ابتدأ المصنف كتابه بمقدمةٍ ذكر فيها أنَّه قد ينقم على كتابه هذا فرق من الناس، فقال - مبيِّنًا ذلك -: ففرقةٌ تاقت أنفسها إلى مراتب لم يسعوا في توطيدها عند أخذهم من الحديث ما يسع جيب قميصه فإذا ألقيت عليه بعض ذلك بقي متحيرًا يستنكف عن التعليم بعد أن سوَّد في نفسه، وذو بدعة أيقن أني أكشف عن كلوم أشياعه فأبديها يعجُّ عجيج الناب لثقل ما حمل عليه، لا يأوي للإسلام، وما حلَّ بساحته من أسلافه، وجاهل لا يُحسِن ما يأتي ويذر، ولا يفصل من هذا ونحوه في المثل بين التمرة والجمرة، حاطب ليل يحوي نحوه ما استقبله ويوكي في وعائه ما استدفَّ له، وقد استمهد الطأة، وركن إلى راحة الدَّعة، وقد رضي بالميسور لقرب همته، ثم قصدني على كساد بضاعته لبَوَار سلعته، فإذا فُوتح من هذا بشيءٍ قال: ما لفلان أليس قد روى عنه فلان وفلان، وقد ناله المثل السوء الذي ضرب الله تعالى في كتابه حيث يقول: { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } وكنت لا أبالي إذ عزم الله لي على ذلك بعد ما استخرته من رضي ذلك وسخط؛ إذ كنت عن دينه أناضل، وعن سنة نبيه أحاول، وعنها أهل الزيغ أذبًّ، وعن الكذابين على رسول الله صلى الله عليه وسلم الملحدين في دين الله أكشف، وفريضة الأمر في هذا والنهي أؤدِّي ليتعلَّم الجاهل أو يرعوي، مستثبتٌ ثقةً بالله، وركونًا إلى ما أدى عن رسوله.. ثم ذكر تقسيمه لأصناف الذين أدخلهم في كتابه ثم قال: فأبدأ بذكر الخوارج إذ كانت أول بدعة ظهرت في الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً أعني التميمي الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اعدل حين وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياعه وجلاهم ونعتهم وأحسن نعتهم ثم هم تحركوا أيضا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرقوا جماعة الأمة وميلوا اعتدال الإلفة فشاموا أنفسهم أولا والأمة بعدها آخرا فنبذ الناس حديثهم اتهاما لهم منهم: 1 عبدالله بن الكواء رأسهم 2 وعبدالله بن راسب 3 وشبث بن ربعي أول من حلل الحرورية 4 ومالك بن الحارث
منهج المؤلف في الكتاب:
نهجَ المؤلف في كتابه هذا المنهج التالي:
1. قدَّم لكتابه هذا بمقدمةٍ حافلةٍ، بيَّن فيها موضوع كتابه، والغرض منه، وأهمية نقد الرواة.
2. قسَّم الرواة الذين أوردهم في كتابه هذا إلى مراتب، فقال في المقدمة: وسأصفهم على مراتبهم ومذاهبهم؛ منهم الزائغ عن الحق كذاب في حديثه، ومنهم الكذاب في حديثه، لم أسمع عنه ببدعة وكفى بالكذب بدعة، ومنهم زائغ عن الحق صدوق اللهجة قد جرى في الناس حديثه؛ إذ كان مخذولاً في بدعته مأمونًا في روايته، فهؤلاء عندي ليس فيهم حيلة إلا أن يُؤخذ من حديثهم ما يُعرف إذا لم يُقوِّ به بدعته، فيُتَّهم عند ذلك، ومنهم الضعيف في حديثه غير سائغٍ لذي دين أن يحتجَّ بحديثه وحده، إلا أن يُقوِّيه حديث من هو أقوى منه، فحينئذ يُعتبر به.
3. لم يُرتِّب المؤلف كتابه هذا ترتيبًا مُعيَّنا، وإنما راعى في تصنيفه لهذا الكتاب: الفرق والمذاهب وأهل البدع والأهواء.
4. يغلب على التراجم في هذا الكتاب القِصَر، وقلَّما يُطيل المؤلف في ترجمة الراوي، وإنما يكتفي بقوله: زائغ، أو: كذَّاب، ونحو ذلك.
5. اشترط المؤلف في قبول رواية المبتدع – بالإضافة إلى كونه غير داعية – أن لا يروي ما يُقوِّي به بدعته، كما سبق في قوله: إلا أن يُؤخذ من حديثهم ما يُعرف إذا لم يُقوِّ به بدعته، فيُتَّهم عند ذلك. وقد قال الحافظ ابن حجر: .. الأكثر على قبول غير الداعية، إلا أن يروي ما يُقوِّي بدعته فيُردّ، على المذهب المختار، وبه صرَّح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، شيخ أبي داود والنسائي، في كتابه "معرفة الرجال"، ثم ذكر كلامه السابق، ثم قال: وما قاله متجه؛ لأنَّ العلة التي لها رُدَّ حديث الداعية واردةٌ فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع، ولو لم يكن داعية، والله أعلم. "نزهة النظر".
6. يُبيِّن المؤلف درجة الراوي ومنزلته في الجرح أو التعديل، وذلك إما بالنقل عن أئمة هذا الشأن وسؤالهم، أو بتنصيصه هو على درجة الراوي، فمثال نقله وسؤاله لغيره من الأئمة: قوله: سألتُ أبا مسهر عن إسماعيل بن عياش وبقية، فقال: كلٌّ كان يأخذ عن غير ثقة، فإذا أخذتَ حديثه عن الثقات فهو ثقة؛ أما إسماعيل بن عياش فقلتُ لأبي اليمان: ما أشبه حديثه بثياب سابور، يرقم على الثوب المائة، ولعل شراءه دون عشرة، قال: كان من أروى الناس عن الكذابين، وهو في حديث الثقات من الشاميين أحمَدُ منه في حديث غيرهم، وأما أبو يُحْمِد فرحمه الله وغفر له، ما كان يُبالي إذا وجد خرافةً عمن يأخذه، فأما حديثه عن الثقات فلا بأس به. "أحوال الرجال" (ص 173- 174)، وكثيرًا ما ينقل المؤلف عن الإمام أحمد، وعلي بن المديني ويحيى بن معين، وأما اكتفائه بكلامه هو وتنصيصه على مرتبة الراوي، فهو الأكثر، والكتاب مليءٌ بالأمثلة.
7. يُميِّز المؤلف في الكلام عن الرواة بين الطعن في العدالة والديانة والطعن في الرواية، ومن أمثلة ذلك: قال في ابن الأصبهاني: كان صدوقًا في حديثه على سوء مذهبه. (رقم 115)، وقال في أبان بن تغلب: زائغ مذموم المذهب مجاهر. فعلَّ ابن عدي على ذلك: وقول السعدي: مذموم المذهب مجاهر. يريد به أنه كان يغلو في التشيع، لم يُرد به ضعفًا في الرواية، وهو في الرواية صالح لا بأس به. "الكامل" (1/390)
8. استعمل المؤلف في كتابه هذا بعض العبارات الخاصة في الجرح والتعديل، ومن ذلك: قوله: زائغ، و: مُفترٍ، وقوله: غير مقنع، وقوله: غير محمود في الحديث، متماسك.
9. يسبر المؤلف حديث الراوي إذا التبس أمره وزكَّاه غيره من الأئمة، كما يدلُّ على ذلك ما قاله في ترجمة (أبي المهدي سعيد بن سنان الحمصي) حيث قال: أحاديثه أخاف أن تكون موضوعة لا تشبه أحاديث الناس، كان أبو اليمان يثني عليه في فضله وعبادته، قال: كنا نستمطر به. فنظرتُ في حديثه فإذا أحاديثه معضلة، فأخبرت أبا اليمان بذلك فقال: أما إن يحيى بن معين لم يكتب منها شيئًا، فلما رجعتُ إلى العراق ذكرتُ أبا المهدي ليحيى بن معين، وقلتُ ما منعك يا أبا زكريا أن تكتبها ؟ قال: من يكتب تلك الأحاديث ! من أين وقع عليها، لعلك كتبتَ منها يا أبا إسحاق! قلت: كتبتُ منها شيئًا يسيرًا لأعتبر به. قال: تلك لا يُعتبر بها هي بواطيل. "أحوال الرجال" (ص 168 رقم 301)
منهج المؤلف في الجرح والتعديل:
وُصِف الإمام الجوزجاني بالشدة في الجرح، وقد عدَّه غير واحدٍ من الأئمة من المتشددين في الجرح والتعديل، ومن هؤلاء الأئمة: الذهبي، فعندما ذكر أصناف الأئمة من حيث التشدُّد والتساهل، قال: وابن معين وأبو حاتم والجوزجاني متعنِّتون. "ذِكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل" (ص 159)، وقال في موضع آخر: وأبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب السعدي الجوزجاني وهو ممن يُبالغ في الجرح. "ذِكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل" (ص 179)، ومن الأمثلة على تشدُّده: قوله في سعيد بن عفير: فيه غير لون من البدع، وكان مخلطًا غير ثقة. فانتقده ابن عدي قائلاً: وهذا الذي قال السعدي لا معنى له، ولم أسمع أحدًا، ولا بلغني عن أحد من الناس كلامًا في سعيد بن كثير بن عفير، وهو عند الناس صدوق ثقة، وقد حدَّث عن الأئمة من الناس، إلا أن يكون السعدي أراد به سعيد بن عفير آخر، وأنا لا أعرف سعيد بن عفير غير المصري، أو لعله يريد سعيد بن عفير، ولا أعرف في الرواة سعيد بن عفير، وهذا الذي قال: فيه غير لون من البدع، فلم ينسب ابن عفير إلى بدع، قال: غير ثقة فلم ينسبه أحد إلى الكذب. "الكامل" (3/411)، ومثال آخر: قال في عبدالله بن شريك: مختاري كذَّاب. "أحوال الرجال" (ص 49)، بينما قال الإمام الذهبي: وكان في أوائل أمره من أصحاب المختار، ولكنه تاب. "ميزان الاعتدال" (2/439)، وقال الحافظ ابن حجر: صدوق يتشيَّع، أفرط الجوزجاني فكذَّبه. "التقريب" (3384)
أهمية الكتاب ومزاياه:
تميَّز كتاب "الشجرة في أحوال الرجال" بمزايا كثيرة من أهمها:
1- مكانة المؤلف العلمية وتقدّمه في هذا الشأن، فهو إمام واسع الاطلاع على أحوال الرواة، وقد شهِدَ له بذلك جهابذة هذا الفن.
2- تقدُّم عصر هذا الإمام كما لا يخفى، وبالتالي فإنَّ هذا الكتاب يُعتبر من أوائل الكتب المؤلفة في الجرح والتعديل.
3- ومما يُؤكِّد على أهمية هذا الكتاب وعلو مكانته: أنَّ الأئمة الذين جاؤوا بعد المؤلف قد اعتمدوا كلامه واستفادوا منه، وعلى الرغم من وصفهم له بالشدة، فإنهم قد استفادوا منه ونقلوا كلامه، وقد نقل عنه أصحاب الكتب الجوامع في هذا الفن، كابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، وابن عدي في "الكامل"، وغيرهم، حتى لا يكاد يخلو كتاب من كتب الجرح والتعديل إلا وفيه نقلٌ عنه.
بعض المآخذ على هذا الكتاب:
أخِذَ على المؤلف في هذا الكتاب بعض المآخذ، ومن ذلك:
1. شدة عباراته في الجرح، فكثيرًا ما تجد في الكتاب قوله: كذَّاب، أو دجَّال، أو ساقط، أو زائغ، أو مائل عن الحق، ونحو ذلك، وأحيانًا يكون أمر الراوي الذي وصفه الجوزجاني لا يصل إلى هذا الحد من الجرح، فنجده مثلاً يُطلق التكذيب على راوٍ، ويكون سائر الأئمة على تضعيفه، لكن من غير أن يرموه بالكذب.
2. نسبه بعضهم إلى التحامل على أهل الكوفة، غير أنَّ هذا الأمر فيه نظر، فإنَّه أحيانًا يقول: كوفي المذهب صدوق اللسان. مما يدلُّ على إنصافه لأهل الكوفة، وأنه إنما يتكلم في الراوي لأجل بدعته، ولكنه لا يهضمه حقه، إضافة إلى ذلك لأنه قد تكلَّم في هذا الكتاب في رواةٍ بصريين وبغداديين وشاميين وغير ذلك، فلم يقتصر على الكلام في أهل الكوفة.
3. أنَّ أدخل بعض الرواة الثقاة في كتابه هذا، مع أنَّ كتابه هذا الغالب عليه الجرح، لا التعديل، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بأنَّ سبب إدخاله لهم في هذا الكتاب: هو بدعتهم، لا أنه يُضعفهم مُطلقًا فنجده يقول كما سبق: كوفي المذهب صدوق اللسان، وقال في إسماعيل بن أبان الورَّاق: كان مائلاً عن الحق، ولم يكن يكذب في الحديث. وقال في محمد بن راشد: كان مُشتملاً على غير بدعة، وكان - فيما سمعت - مُتحرِّيًا الصدق في حديثه.
طبعات الكتاب:
طبع الكتاب بتحقيق: السيد صبحي البدري السامرائي، ونشرته مؤسسة الرسالة، سنة (1405هـ).
ثم طبع بتحقيق: د. عبدالعليم عبدالعظيم البستوي في حديث أكادمي- فيصل آباد، ونشرته دار الطحاوي في الرياض، الطبعة: الأولى سنة (1411هـ).
* المصدر: الجمعية السعودية للسنة وعلومها.
طباعة
ارسال