ترك المسلمون الأوائل لنا تاريخاً اقتصادياً مليئاً بالأفكار التي ببساطتها وجدت حلولاً عملية لمشكلات الإنسان الاقتصادية , بخلاف الفكر الوضعي المعاصر الذي رغم رصيده الهائل من الفكر والنظريات لم يقدم تصور واقعي وعملي لحل مشكلات الإنسان المعاصرة بخلاف مايعتقده البعض , فليس المهم أن تكون هناك نظريات ومنحنيات وقوانين وإنما المهم هو إيجاد حل لمشكلة الإنسان الاقتصادية أي الاهتمام بحاجاته ومتطلبات العيش الكريم , ويبدو أن هذه القضية قد أغفلها الاقتصاديين المسلمين اليوم تماشياً مع التيار السائد .
وعلى قاعدة المغلوب مولع بتقليد الغالب يقول ابن خلدون في المقدمة " إن النفس تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه , أو بما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي , إنما هو لكمال الغالب " , ويأتي هنا التحدي الذي يواجهه الاقتصاديين المسلمين بكيفية استثمار تراثهم الغالب على واقعهم المغلوب ومواجه هذا التحدي لا يأتي من رفض الواقع والتغنى بالماضي أو رفض الماضي وتقديس الحاضر وإنما يأتي عن طريق فهم المقاصد بتتبع الأحداث الجزئية لتكوين قواعد ومقاصد كلية في مجال الاقتصاد ومن ثم محاولة الإتيان بها بطرق معاصرة , وهناك الكثير من الأمثلة في هذا الشأن نذكر منها ظاهرة البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فمجرد رفضها لأنها بنوك وأنها جاءات من نظام اقتصادي رأسمالي هو توجه خاطئ , لأنها بكل ببساطة واقع مفروض علينا لا خيار لنا فيه , ومن جهة أخرى حاجة الناس لهذه المؤسسات اليوم لا تستطيع أن تتجاهلها , و هنا يأتي دور الباحثين عن الحلول , فكل مشروع إسلامي اليوم فيه إيجابيات وسلبيات والنظرة المقاصدية إلى هذه المشاريع توضح الأمور أكثر لدى المتعامل معها .
هذا ما وفقني الله إلى كتابته بصدد هذا الموضوع فما كان صواباً فمن الله وحده وما كان خطأ فمني ومن الشيطان وأستغفر الله من كل زلل.
بقلم: أحمد محمد محمود نصار
طباعة
ارسال