محمد كريِّم بن سعيد راجح، أبو سعيد.
عالم، فقيه، جامع، أديب، شيخ قرّاء الديار الشاميّة .
ولد بدمشق في محلّة تعلّم القرآن الكريم لأطفال الحيّ، وخاصّة الفتيات، فكانت قراءتها لكتاب الله تعالى أوَّل طيف نبوغ هيمن على ذاكرة طفولته، وأخذ منها حيزاً هامّاً، جعله بعد ذلك مكبّاً على حفظ القرآن وجمعه والاهتمام به .
وفي العاشرة من عمره عمل في أعمال متعدّدة كي يعين أسرته الفقيرة، كان آخرها في المطبعة الهاشمية، إذ لفت انتباهه طباعة ( تفسير الجلالين) الذي أثّر به كثيراً، فعكف على قراءته، وكان قد تعلّم القراءة والكتابة عند شيخ الكتّاب.
وفي سن الثالثة عشرة، جّهته والدته بالذهاب إلى الشيخ حسين خطاب في جامع القاعة، ليتحمّل عنه العلم، الذي أخذ بيده إلى العلامة المجاهد الشيخ حسن حبنّكة الميداني، حيث أظلّه بكنفه، وشمله برعايته حتى وفاته رحمه الله تعالى.
حفظ القرآن الكريم، غاية التدريب في نظم حتى الغاية والتقريب ( في الفقه الشافعي، وألفية ابن مالك، وهو عند الشيخ حسين خطاب).
وكانت أوقات الحفظ المحببة إليه من بعد صلاة الفجر، وما بين المغرب والعشاء.
ثمَّ أرسله الشيخ حسن حبنّكة برفقة أستاذه الشيخ حسين خطاب ليجمعا معاً القراءات العشر . فحفظا الشاطبية على محمد سليم الحلواني، ثم بعد وفاته جمعا على ابنه الشيخ أحمد الحلواني الحفيد الشاطبية والدرّة ثم جمعاهما أيضاً على الشيخ عبد القادر صمادية الشهير بالعربيلي.
كما تلقّى العلم عن شيوخ آخرين منهم، الشيخ خير وياسين، والشيخ عبد القادر بركة، والشيخ صادق حبنّكة، والدكتور مصطفى سعيد الخنّ .
خطب وكيلاً في عدد من مساجد الميدان، ثم أرسله الشيخ حسن حبنكة ليخطب في جامع الجسر الأبيض في حيّ المهاجرين بدمشق، وفيه نبغت خطابته، ونضجت فصاحته، فكان يخطب ساعة من الوقت أو أكثر، فلا يملّه المصلّون ولا يضجر منه المقتدون . ثم استقرّت به الخطابة في جامع المنصور في حي الميدان، فبقي يخطب فيه زُهاء عشرين عاماً.
عُيّن بعد وفاة شيخه الشيخ حسن حبنكة خطيباً في جامع العثمان في حي الميسات، وبعد بضع سنين عُيّن خطيباً في جامع زين العابدين التونسي في الميدان.
حصل على شهادة الإجازة في الشريعة، فدرّس في مدارس دمشق وثانوياتها الشرعية، وهو أستاذ القراءات وعلوم القرآن في قسم التخصص والدراسات التخصصية في معهد جمعية الفتح الإسلامي .
بويع شيخاً للقراء بعد وفاة شيخه الشيخ حسين خطاب، وذلك حين تأبينه في الجامع الأموي، حيث قام العلامة الشيخ عبد الرزاق الحلبي، بمبايعته خلفاً صالحاً لشيخه رحمه الله.
نال شرف الحفظ والجمع على يديْه عدد كبير من طلبة العلم في بلاد الشام وبعض البلدان العربية والإسلامية.
أكرمه الله بتسجيل القراءات العشر بكلّ وجوهها من طريق الشاطبية والدرة.
يتردد على لسانه قوله:« الحمد لله فالفضلُ والخيرُ في هؤلاء الشباب، المقبلين على الله والمعتزين بإسلامهم فهم الذين ينهضون من حالنا، ويُقوّون عزيمتنا».
طباعة
ارسال