عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل معروف صدقة، والدالّ على الخير كفاعله، والله يحبّ ُ إغاثة اللهفان».
شرحه:
كل معروف :أي ما عرف عرفاً وشرعاً.
قال ابن عرفة: الطاعة كل ما يفعل من أعمال البر والخير.
صدقة:أي ثوابه كثوابها.
الدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة اللهفان :أي المتحيّر في أمره مما هو فيه من شدة ومحنة وكربة .ومحبة الله لهذا : رضاؤه عن هذا العمل وثوابه عليه.
ما يرشد إليه الحديث:
يبين لنا عليه الصلاة والسلام أن كل معروف يفعله الإنسان فهو له صدقة –وكل للعموم- صغر ذلك المعروف أو كبر وقد ورد في فضله الكثير.
منها ما أخرج الإمام أحمد في "المسند" والحاكم في "المستدرك" وقال :صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل امرئ في ظل صدقته،حتى يفصل بين الناس " قال يزيد:وكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه بشيء فيه ولو كعكة أو بصلة .
قال النووي في "المذهب" : إسناده قوي .وقال الهيثمي :رجال أحمد ثقات.
وقال الشيخ ابن أبي حمزة : ولا يلهم الصدقة إلا من سبقت له سابقة خير .
ومنها أيضا ما رواه ابن المبارك في "الزهد "عن الزهري بإسناد صحيح مرسلا كما قال العراقي بإسناد صحيح "تخريج الإحياء" 226/1 .
ووصله الخطيب في كتابه (أسماء من روى عن مالك من حديث ابن عمر )
وضعفه. ووصله أيضا الديلمي من حديث أنس وذكر أن في الباب عن ابن عمر أيضا وأبو عمر في "التمهيد" أنه عليه الصلاة والسلام قال : "ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله له الخلافة على بنيه ،وكان في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله،وحفظه في صدقته من كل عاهة وآفة ".
فلذالك نجد أن الكثير من الصحابة والسلف كانوا يكثرون الصدقات بأنواعها ويختارون أفضلها .
فقد روى أبو داود في سننه برقم (1679و1680و1681)
والنسائي 654/6 وابن ماجة (3684)
أن سعد بن عبادة قال : "يا رسوا الله إن أمَّ سعد ماتت فأي الصدقة أفضل ؟ قال : الماء . فعمر بئراً وقال : هذه لأم سعد".
وحدث ابن الجوزي في "صفوة الصفوة "1\471 بسنده إلى حارثة ابن النعمان رضي الله عنه أنه قال :لما كف بصره جعل خيطا ًمن مصلاه إلى باب حجرته ووضع عنده مِكتلاً بكسر الميم :وعاء يسع خمسة عشر صاعاً ،كأن فيه كتلاً من التمر ، أي قطعاً مجتمعة –وغير ذلك فكان إذا سأل المسكين أخذ ذلك التمر ثم أخذ على ذك الخيط حتى يأخذ إلى باب الحجرة فيتناوله المسكين ، فكان أهله يقولون :نحن نكفيك فيقول :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن مناولة المسكين تقي ميتة السوء".
وقال عياض رحمه الله : في "المدارك" جاء رجل إلى ابن وضاح فقال له : إني حضرت الآن فأصابت العجلة ولدك
فأقبل ابن وضاح على ما كان عليه من إسماع العلم وقال للقارئ :ولم يكترث لذلك ، فما لبثت أن جاء آخر فقال :أبشر يا أبا عبد الله سلم الصبي ، إنما أصابت العجلة ثوبه فسقط وجازت فلم تضره ،فقال الحمد لله ، فقد أيقنت بذلك ، لأني قد رأيت الصبي قد ناول اليوم مسكيناً كسرة فعلمت أن لا يصيبه بلاء في هذا النهار ،للحديث :" إن الله يدفع عن العبد الميتة السوء بالصدقة يتصدق بها ".
الدلالة على الخير :
فإن الدلالة على الخير من أهم الأمور التي تصلح المجتمع وتسبب في تعاونهم جميعاً بكل ما تعني هذه الكلمة .
فإن حصل ذلك الخير فله مثل ثواب دلالته وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم برقم (1893) وأبو داود(5139) والترمذي(2673) : "من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو قال : عامله".
والدلالة تشمل أيضاً الدلالة على العلم كتعليم الناس فإن في تعليمهم إذاعة وانتشار العلم والإرشاد إلى عمل الخير ليجد الإنسان بعد موته كنزاً باقياً من الثواب الخالد والنعيم المقيم ويدعو العلماء إلى تدوين بحوثهم ، ونشر علومهم بالكتب ليعم نفعها ، ويعظم أثرها مدى الحياة وبعدها ويرغب في بذل النصيحة ،والإشارة ،والأمر بالمعروف والدلالة على الخير.
* المصدر:
الأربعون حديثاً في اصطناع المعروف: المنذري.
طباعة
ارسال