وَعَنْ أَنَسٍ- رَضِيَ اللهُ عنهُ- قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّمْتُ حِكْمَةٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ» أخرجَهُ البيهقيُّ في الشُّعَبِ بسندٍ ضعيفٍ، وصحَّحَ أنَّهُ موقوفٌ مِنْ قولِ لقمانَ الحكيمِ.
- درجة الحديث:
الحديث موقوف.
قال زين الدين العراقي في تخريجه أحاديث الإحياء: أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف، والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أنس بلفظ (الصمت)، والصحيح عن أنس أنه من قول لقمان، قال: رواه كذلك هو وابن حبان في كتاب روضة العقلاء بسند صحيح إلى أنس.
- ما يؤخذ من الحديث:
1- الحديث فيه فضيلة الصمت وأنه من الحكمة، قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ وجاء في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كفل لي ما بين لحييه ورجليه أكفل له الجنة»، وما أخرجه الترمذي من حديث معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وهل يَكُبّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم»، وما أخرجه الترمذي من حديث عقبة بن عامر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن النجاة فقال: «أمسك عليك لسانك».
وكان أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- يشير إلى لسانه ويقول: «هذا الذي أوردني في الموارد»، وقال الحسن البصري: «ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه».
2- ذكر الغزالي من آفات اللسان: الخوض في الباطل، والتقعر في الكلام، والفحش والسب والسخرية والاستهزاء، وإفشاء السر والمراء والجدال واللعن والكذب والغيبة والنميمة والخصومة.
3- وبهذا نعلم أن الصمت المحمود هو عن الكلام المحرم الذي ذكرنا بعضه، ومثله الكلام الذي لا فائدة منه، إذ ربما يجر إلى الكلام المكروه أو المحرم، أما إذا كان الكلام فيما ينفع، من التلاوة والذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم العلم ومباسطة الأهل والإخوان فهذا محمود.
4- واللسان لهذه الأغراض الفاضلة من نِعَم الله تعالى العظيمة، ولطائف صنعه فإنه ينطق بالإيمان والإسلام.
قال تعالى: ﴿لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ فهذه الآية الكريمة هي الفصل في قبيح الكلام ومليحه.
5- قوله: «قليل فاعله» لأن الناس مجبولون على القيل والقال وكثرة السؤال.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
* * *
* أهم المصادر والمراجع:
- توضيح الأحكام من بلوغ المرام: الشيخ عبدالله البسام.
- الوافي في شرح الأربعين النووية: د. مصطفى البغا / محي الدين مستو.
- الرياض الندية في شرح الأربعين النووية: الإمام ابن دقيق العيد / العثيمين / الإمام النووي.
- الجواهر اللؤلؤية في شرح الأربعين النووية: محمد عبدالله الجرداني.
- شرح الأربعين النووية: الإمام النووي.
طباعة
ارسال