قيل بأن القرآن يحتوي على مصطلحات أعجمية اشتقت من لغات
أخرى وأول هذه الكلمات كلمة "القرآن"
فقد اشتقت من كلمة " قريانا" السريانية، ( ومعناها القراءة
المقدسة، والدرس).
ويضربون أمثلة أخرى على ذلك :
ـ كلمة "آية" فإنها شبيهة في العبرية بكلمة
" أوث" ، وفي السريانية "آثا" ، وهي العلامة والدليل .
ـ كلمة "سورة " إنـها تبدو مشتقة من " صورطا " أو
" سورثا " السريانية : ومعناها الكتاب المقدس .
ـ كلمة" مثاني" أنـها مشتقة من " مشنا" العبرية.
ـ كلمة " حكمة" إنـها ربما جاءت
من الكلمة الآرامية "حخما" .
رد هذه الشبهة :
أولال ـ لاشك أن الهدف من وراء هذا التشكيك في أصالة المصطلحات الرئيسة في القرآن
الكريم وردّها إلى أصول عبرية أو سامية أو آرامية إنـما هو استدراج للقارئ وتمهيد
لإقناعه بأن القرآن هو من اختراع محمد صلى الله عليه وسلم وتأليفه، وأنه قد تعلم
هذه الألفاظ من اليهود والنصارى.
ثانيا ـ لاخلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن كلام مركب
على أساليب غير العرب وأن فيه أسماء أعلاما لمن لسانه غير العرب كإسرائيل وجبريل
وعمران ونوح ولوط.
ولكن اختلفوا هل وقع فيه ألفاظ ـ غير أعلام
ـ مفردة من غير كلام العرب :
ـ فذهب القاضي أبو بكر وغيره إلى أن
ذلك لا يوجد فيه وأن القرآن عربي صريح وما وجد فيه من الألفاظ التي تنسب إلى سائر
اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغات عليها فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة
وغيرهم.
ـ وذهب بعضهم إلى وجودها فيه وأن تلك
الألفاظ لقلتها لا تخرج القرآن عن كونه عربيا ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كونه
متكلما بلسان قومه.
فكلمة (كفلين) أي ضعفين بلسان الحبشة, و(الغساق) البارد
المنتن بلسان الترك, و(القسطاس ) الميزان بلغة الروم , و(السجيل) الحجارة والطين
بلسان الفرس, والطور (الجبل ) بالسريانية
.
فحقيقة هده
الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه.
أي أن هذه الألفاظ لم تنقل إلى عن الأعجمية إلى القرآن
ابتداء بل تداولها العرب فيما بينهم أزماناً حتى تعربت وأصبحت داخلة في متن لغتهم
ثم استعملها القرآن بعد ذلك . فهي لم تستعمل في القرآن إلا من حيث إنها عربية
يتداولها العرب فيما بينهم.
ويناقش الدكتور عبد الرحمن بدوي مزاعم المستشرقين في هذا الصدد قائلاً:
(( ولكي نفترض صحة هذا الزعم فلا بد أن محمداً كان يعرف العبرية والسريانية
واليونانية، ولابد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل الأدب التلمودي
والأناجيل المسيحية ومختلف كتب الصلوات وقرارات المجامع الكنسية وكذلك بعض أعمال
الآباء اليونانيين وكتب مختلف الكنائس : الملل والنحل المسيحية)).
ويعلق عبد الرحمن بدوي على هذا بقوله :(( هل يمكن أن يعقل هذا الكلام الشاذ لهؤلاء
الكتاب، وهو كلام لا برهان عليه.
إن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل ظهور رسالته
وبعدها معروفة للجميع… ولا أحد قديماً أو حديثاً يمكنه أن يؤكد أن النبي كان يعرف
غير العربية، إذاً كيف يمكن أن يستفيد من هذه المصادر كما يدَّعون )).
ويمكن أن تكون هذه الألفاظ قد وجدت في العربية قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم
بوقت طويل واستقرت في اللغة العربية حتى أصبحت جزءاً منها وصارت من مفرداتـها التي
يروج استخدامها بين العرب.
كما أن من المستحيل الآن بسبب غموض تاريخ اللغات السامية أن نحدد من اقتبس هذه
الألفاظ المشتركة من الآخر: العربية أم العبرية ؟
وهذا كاف في الدلالة على إثبات تفاهة حجج من توسع من المستشرقين في باب الاشتقاق
من اللغات السامية .
***************************
أهم المصادر والمراجع
ـ تفسير القرطبي لأبي عبد الله القرطبي
ـ مباحث الكتاب والسنة للدكتور محمد سعيد البوطي
ـ شبهات حول القران لغازي عناية