*
شبهة تأليف آية من كلام أبي بكر:
إن في المصحف آية هي من تأليف، وكلام أبي بكر، وهي قوله تعالى:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) }آل عمران
وحجتهم في ذلك : أنه عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم قال عمر بن
الخطاب: ((إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي. إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن
قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل: مات. والله ليرجعن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال، وأرجلهم، زعموا أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم مات)). قالوا: فقام أبو بكر، ورد على عمر. فقال: على رسلك يا عمر، أنصت.
فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: ((أيها الناس، مَن كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد
مات ومَن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، ثم تلا الآية:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ
عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ
الشَّاكِرِينَ(144) }آل عمران
وزعموا أنها من كلام أبي بكر رد بها على عمر عندما أنكر وفاة الرسول صلى
الله عليه وسلم .
* رد هذه الشبهة:
إن مجرد تلاوة أبي بكر لهذه الآية في رده على عمر، وتهدئة الناس لا يعني مطلقاً،
أنها من كلام أبي بكر وقد تفوه بها، أو قالها، وذلك من جهتين:
الأول: إن جميع الصحابة، ومنهم أبو بكر يحفظونها، ويعلمون أنها من القرآن، وأنها
كلام الله تعالى، وترتيبها في سورة آل عمران، ونزلت قبل وفاة الرسول صلى الله عليه
وسلم ببضع سنين.
الثانية: أن الكثير الكثير من الصحابة يعلمون سبب نزولها، ومكان، وتاري! خ نزولها.
وقد ورد في الروايات الصحيحة أن الآية:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ
عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ
الشَّاكِرِينَ(144) }آل عمران
قد نزلت في غزوة أحد، عتاباً من
الله تعالى على الصحابة، لفرارهم من القتال. حيث إنه عندما أصيب المسلمون في غزوة
أُحُد، وكسرت رباعية الرسول صلى الله عليه وسلم وشج وجهه، وشاع بين المقاتلة، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل انهزم من انهزم من المسلمين فحصل ضعف ووهن
وتأخر عن القتال, ففي ذلك أنزل الله تعالى { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) }آل عمران
* شبهة تأليف آية من كلام عمر:
إن في المصحف آية هي من تأليف وكلام عمر بن الخطاب، وهذه الآية (واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى). وحجتهم في ذلك: أن هذه من كلام عمر بن الخطاب خاطب بها الرسول صلى
الله عليه وسلم وعرض عليه أن يتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.
* رد هذه الشبهة:
إن هذه الشبهة لا دليل لها، ولا سند لها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى،
فالمسلمون وخاصة الصحابة يعلمون أنها من كلام الله، ويعرفون سبب نزولها، ومكان،
وتاريخ نزولها، حيث قال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لو اتخذنا من
مقام إبراهيم مصلى .
فنزل قوله تعالى: (واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى) سورة البقرة/ آية 125. والفرق واضح بين لفظ عمر، ولفظ الآية. فالآية
الكريمة جاءت بلفظ الأمر، وعلى سبيل الوجوب، أما كلام عمر فجاء بصيغة الماضي
مقروناً بالتمني، والذي عبر عنه بالحرف لو.
*******************************
* أهم المصادر
والمراجع:
ـ تفسير ابن كثير: لابن كثير الدمشقي.
ـ أسباب النزول: لعبد الفتاح القاضي.
ـ تفسير القرطبي: لأبي عبد الله القرطبي.