أخرج أبو داود في سننه فقال: حدثنا سليمان بن داود المهري أنا ابن وهب أني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها.
* درجة الحديث:
الحديث صحيح: صححه العراقي كما في فيض القدير 2/282، والسيوطي كما في الجامع الصغير1/282، وقال السخاوي: قوله: «فيما أعلم» ليس بشك في وصله بل قد جعل وصله معلوماً له وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث، المقاصد الحسنة ص122.
* تحقق النبوءة:
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله سبحانه وتعالى قيض في هذه الأمة على رأس كل قرن من القرون من جدد لها دينها وأضاء معالمها ونفا عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وقد كثرت الأقوال واختلفت الآراء في تحديد هؤلاء المجددين ونوعيتهم وها أنا أذكر كلام الحافظين ابن كثير وابن حجر رحمهما الله تعالى الذي يوضح كثيراً من ذلك ويبين الفصل في هذا المقام.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعلى: قد ذكر كل طائفة من العلماء في رأس كل مائة سنة عالماً من علمائهم ينزلون هذا الحديث عليه، وقال طائفة من العلماء: الصحيح أن الحديث يشمل كل فرد من آحاد العلماء من هذه الأعصار ممن يقوم بفرض الكفاية في أداء العلم عمن أدرك من السلف من يدركه من الخلف كما جاء في الحديث من طرق مرسلة وغير مرسلة يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وهذا موجود ولله الحمد والمنة إلى زماننا هذا ونحن في القرن الثامن والله المسئول أن يختم لنا بخير وأن يجعلنا من عباده الصالحين ومن ورثة جنة النعيم آمين آمين يا رب العالمين.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ولا يلزم أن تجمع خصال الخير كلها في شخص واحد إلا أن يدعي ذلك في عمر بن عبد العزيز فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما من جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل، فعلى هذا كل من كان متصفاً بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا.
- نبوءات الرسول عليه الصلاة والسلام: ما تحقق منها وما يتحقق.
طباعة
ارسال