من الأدب
الأكل
وعنِ ابنِ عبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يمسه يده حتَّى يَلْعَقَهَا أو
يُلْعِقَهَا» مُتَّفَقٌ عليهِ.
* مفردات الحديث:
يَلْعَقها أو يُلْعِقها: الأول مبني للفاعل فهو بفتح الياء،
والثاني للمفعول فهو مضموم الياء فالأول يلعقها بنفسه، والثاني يُلعِقها زوجته أو
ولده أو خادمه، واللعق تتبع ما عليها من طعام بلسانه.
* ما يؤخذ من الحديث:
1- نعمة الله تعالى في الطعام والشراب لها حرمتها وكرامتها، ومن ذلك أن
الآكل إذا لم يلعق ما بأصابعه أو يده من بقايا الطعام، فإنه لا يجوز أن يغسل يده
فيجري الطعام مع المياه الوسخة والأقذار والأبوال، فإن هذا من كفران النعمة
وإهانتها.
ولكن عليه أن يلعق يده وأصابعه حتى لا يبقى فيها أثر من الطعام الراسخ، أو
يُلْعِقها من له عليه دالة وميانة كالولد والزوجة والخادم ونحوهم.
2- إن لم يحصل هذا كما هو الحال في زماننا من إهمال كثير من السنن، فأقل
أحوال الآكل أن يمسح بقية الطعام من يده بالمناديل التي تلقى بأمكنة طاهرة نظيفة،
ثم يغسل يديه بعد ذلك، والأفضل اتباع السنة.
3- بعضهم فهم أن المراد بلعق اليد بعد الطعام أن ذلك لأجل قلة الماء، وأنه
جعل اللعق بدل الغسل حتى لا يبقى على يديه أثر الطعام، والحق أن المراد هو الأول
والله أعلم.
4- جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبناً وتمضمض وقال: «أن
له دسماً».
قال في الآداب الشرعية: لذلك ينبغي أن يتمضمض بعده بالماء من كل ما له دسم
لتعليل صلى الله عليه وسلم.
* * *
* المصدر:
- توضيح الأحكام من بلوغ المرام: الشيخ عبدالله البسام.
- نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار: محمد بن علي الشوكاني.
ما يقال عند
العطاس
وعَنْ عليٍّ – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: «إذا عَطَسَ أحدُكُمْ فليقل: الحمد للهِ، وليقلْ له أخوهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ،
فإذا قال له: يَرْحَمُكَ اللهُ، فليقل له: يَهْدِيكُمُ اللهُ ويُصْلِحُ بَالَكُمْ»
أخرجه البخاريُّ.
* ما يؤخذ من الحديث:
1- العطاس: زفير مفاجئ قوي يخرج عن طريق قصبة الأنف دون إرادة
الشخص، ينشأ عن تهيج الغشاء المخاطي للأنف، أو يخرج مرضاً كما يحدث في الزكام،
وانحباسه يحدث خمولاُ في الجسم، أما خروجه فيحس العاطس بعده بخفة في بدنه.
2- لذا استحب للعاطس أن يحمد الله تعالى أن سهَّل خروج الأبخرة من جسمه،
فيقول سامعه: يرحمك الله، وهو دعاء مناسب لمن عوفي في بدنه، ثم يجيب العاطس فيقول:
يهديكم الله ويصلح بالكم.
وجواب العاطس كإجابة المسلَّم عليه للمسلِّم، ويكون بدعاء مشابه لدعائه.
قال في الآداب الشرعية: قال ابن هبيرة: إذا عطس الإنسان استدل بذلك على
صحة بدنه وجودة هضمه، واستقامة قوته، فينبغي أن يحمد الله.
وفي صحيح البخاري «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب» لأن العطاس يدل على
خفة بدن ونشاط، والتثاؤب يدل على ثقل البدل وامتلائه واسترخائه.
وقال في شرح الأدب المفرد: قوله عليه الصلاة والسلام: « إن الله يحب
العطاس ويكره التثاؤب» المحبة والكراهية منصرفان إلى أسبابهما، وذلك أن العطاس
يكون من خفة البدن وانفتاح المسام، بخلاف التثاؤب فإنه يكون من الثقل والامتلاء،
فالأول يجلب النشاط للعبادة، والثاني يجلب الكسل والفتور، فندبت الشريعة- حمداً
لله – بعد العطاس لسلامة الأعضاء ولخفة البدن بدفع الأذى والثقل من الدماغ، وزوال
مواد النزلة، وهذه كلها من منن الله تعالى، فيستحب حمد الله عليها، وظاهر الأمر
الوجوب، ولكن لم يقل به أحد.
قوله صلى الله عليه وسلم: «فحق على كل مسلم سَمِعَه أن يشتمه».
قال ابن القيم: قال جماعة من علمائنا: إن التشميت فرض عين، لأنه جاء بلفظ
الوجوب الصريح وبلفظ الحق الدال عليه.وذهب آخرون إلى أنه فرض كفاية، ورجحه ابن رشد
وابن العربي، وقال به أبو حنفية وجمهور الحنابلة قال الحافظ: وهو الراجح من حيث
الدليل.
4- وقد جاء في السنن عند أبي داود والترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة
قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فمه».
5- قال في الآداب الشرعية أيضاً: تشميت العاطس وجوابه فرض كفاية، وهو ظاهر
مذهب مالك وغيره، وقيل سنة وهو مذهب الشافعي وغيره.
* * *
* المصدر:
- توضيح الأحكام من بلوغ المرام: الشيخ عبدالله البسام.
- نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار: محمد بن علي الشوكاني.
طباعة
ارسال