أُثِر عنِ النبيَّ عليه الصلاةُ والسلامُ أنه إذا خرج من الخلاء كان يدعو، فقد روي عن أنس بن مالكٍ أنه قال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: «الحمد لله الذي أذهب عنَّي الأذى وعافاني»، وكان يقول أيضاً: «الحمد لله الذي أذاقني لذَّته، وأبقى فيَّ قوَّته، وأذهب عنَّي أذاه».
هذا الطعام والشراب فيه قوةٌ، وفيه لذّةٌ، وفيه فضلاتٌ، وفي الكليتين عجائب، ملخَّص القول: إنّ أعقد جهازٍ في الإنسان بعد الدماغ هو الكلية، ومن بعض المعلومات البسيطة التي تُعدُّ من مسلَّمات هذا العلم أنّ في الكليتين مليونين من وحدات التصفية، في كل كليةٍ مليونٌ، ووحدة التصفية هذه أنبوبٌ دقيقٌ دقيقٌ، ووعاء دقيقٌ دقيقٌ، يلتفُّ حول نفسه حتى يشكَّل كبَّة، (كرةً)، هذا الأنبوب اسمه عند علماء التشريح الكبيبة يحيط بها غشاءٌ ينتهي بأنبوب، كيف يرشح البول؟ عمليةٌ في منتهى التعقيد، كيف لا وقد ذكرت لكم أنّ أعقد جهازٍ بعد الدماغ هو الكلية، وحسبكم دليلاً على ذلك أنّ الكلية الصناعية يزيد حجمها على حجم مكتبٍ كبيرٍ، ويستغرق الإنسان من الوقت لتصفية دمه ما يزيد على أربع ساعاتٍ، وهذه التصفية لا تعادل تصفية الكلية الطبيعية، هذه الكبيبة مع غشائها وأنبوبها لا تُرى بالعين، لو أنّ هذه النفرونات (وحداتِِ التصفيةِ) في الكليتين صُفَّ بعضها إلى جانب بعضٍ لَبَلَغَ طولها مئةً وستين كيلو متراً، ولو نُشرتْ سطوحها الداخلية لاستغرقت ثمانية أمتارٍ مكعبةٍ، لذلك يجري الدم في الكليتين بطريقٍ يزيد طوله على مئة كيلو مترٍ في اليوم الواحد.
هاتان الكليتان لا يزيد وزنها مجتمعتين على مئةٍ وأربعين غراماً، الكلية الواحدة التي تقوم بوظائف يعجز عن فهمها الدماغ لا يزيد وزنها على سبعين غراماً، ولو بطَّأتْ في عملها، أو توقفتْ لانتهتْ حياة الإنسان، ولغرق في سمومه، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم حينما يخرج من بيت الخلاء كان يقول: «الحمد لله الذي أذهب عنَّي الأذى وعافاني».
إنّ أمراض الكليتين لا تُعدُّ ولا تُحصى، هذا الجهاز الدقيق، هذا الجهازُ المتقنُ الذي ينفي عنك الأذى ألا تشكرُ الله عليه؟ كيف تكون حالة الإنسان دون مثانة؟.
ما ذكرتُ هنا شيئاً، ذكرت عنواناتٍ، وأرقاماً سريعةً من أجل أنْ يُلفتَ نظر الإنسان إلى ما ينطوي عليه جسمه من أجهزةٍ دقيقةٍ دقيقةٍ.
* * *
* المصدر:
- آيات الله تعالى في الإنسان: د. محمد راتب النابلسي.
- انظر: الطب الإسلامي: د. محمد نزار الدقر.
طباعة
ارسال