- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جاء بالرأفة والرحمة وعلّم الكتاب والحكمة وبشر وأنذر ونهى عن التعسير ويسر وبالغ في النصيحة وسلك الحجة الصحيحة وأتى بالهداية وأنقذ من العماية ودعا إلى الفلاح ومهّد سبيله وبيّن سبيل النجاح وأقام دليله وأي كرم أجزل من كرمه؟ وأي نعَم أكمل من نِعَمه وأي إفضال أعم من إفضاله؟ وأي نوال أتم من نواله؟ من أجل ذلك كانت محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المنزلة التي يتنافس فيها المتنافسون وإليها يشخص العاملون: فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون وهي الحياة فمن حُرمها فهو في عداد الأموات وهي النور فمن فقدها ضُرب في تيه من الظلمات وهي شفاء فمن عدمه حلّت بقلبه ضروب السّقام ولا عجب فإن القلوب جُبلت على حب ما أحسن إليها فإذا كان الإنسان يحب من منحه من دنياه مرة أو مرتين معروفاً فانياً منقطعاً أو أنقذه من هلكة أو مضرة لا تدوم فما بالك بمن منحه مِنحاً لا تبيد ولا تزول ووقاه العذاب الأليم ودله على النعيم المقيم.
وإذا كان المرء يحب غيره لما فيه من أخلاق جميلة وسيرة حميدة فكيف بهذا النبي الكريم والرسول العظيم الجامع لمحاسن الأخلاق المانح الخلق جوامع المكارم والفضل العميم والذي أخرجهم من نار الجهل إلى جنات العرفان والإيقان وهو الوسيلة إلى البقاء الأبدي من النعيم السرمدي لأحد بعد الله مِنَّة على خلقه سواه.
من أجل ذلك استحق أن يكون حظه من محبتنا له أوفى وأزكى من محبتنا لأنفسنا وأولادنا وأهلنا وأموالنا والناس أجمعين بل لو كان في منبت كل شعرة منا محبة تامة له صلوات الله وسلامه عليه لكان ذلك بعض ما يستحقه انظر قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده» رواه البخاري والنسائي وأحمد وابن ماجة والحاكم وفي رواية أخرى: «حتى أكون أحب إليه من نفسه» رواه أحمد والطبراني والبيهقي.
* * *
* المصدر: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشيخ محمد علي أبو شكر.
طباعة
ارسال